كُتاب الكيان

السيد الطحان يكتب | لا تتشيعوا فتذهب ريحكم

      لاغرو أن ما يحدث من صراعات ــ داخلية أو خارجية ــ في بعض الدول العربية يأتي من أطماع للسيطرة على هذه الدول وعلى مقدراتها وثرواتها .

 قراءة في  البرجماتية الأصولية لآيات الله فى إيران

             ولاغرو أيضا أن بعض هذه الصراعات افتعلتها دول بهدف سياسة توسعية لتحقيق أحلام ربما يفرض الواقع عليها أن تكون أضغاثا ، إلا أن الواقع أيضا يرصد لنا حقائق أقسى في التطرق إليها من احتمال الصمت حيالها ، وما يحدث حاليا قد يضعه البعض في برواز المصالح السياسية ، متجاهلا عن قصد وعمد أن خلف هذه الصورة الباهتة مضمون خفي من الصراع العقائدي فهناك في إيران ــ دولة آيات الله ــ  نحن .. ونحن فقط  فـ ( الإسلام شيعة ) وبأي ثمن سيكون

الفكرة والمبدأ

       قد يظن البعض أن الإمبراطورية الفارسية انتهت فعليا بانتصار المسلمين على جيش فارس في القادسية في سنة 14 هجرية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ  أو أنها زالت فعليا بمقتل إمبراطورها الأخير سنة 651 ميلادية ، إلا أن الواقع والأحداث يؤكدان أنها بُعثت من جديد مع الثورة الإسلامية الخومينية عام 1979 ومعها تحول خطير من مبدأ الأنا الفارسية إلى فكرة عقائدية شيعية ، وهنا ومن الضرورة لابد لنا أن نربط سوداوية الفكرة العقدية عند اليهود بأنهم ( شعب الله المختار) بنفس فكرة الفرس أن ( الإسلام شيعة ) وان حدود الدولة اليهودية من النيل إلى الفرات بذات الفكرة الفارسية في العقيدة الشيعية

إمبراطورية فارسية عاصمتها بغداد

 والفكرة عند الجانبين بنسبة مئوية كبرى تدور حول نفس المنطقة الجغرافية وكلاهما وبواقع ــ واقع ــ يعمل على تحقيق الغرض من وازع دينيي فرضه حاخامات اليهود وساستهم على شعبهم من جانب في كتبهم الموتورة ( التلمود / الكبالا / البرتوكولات ) ، وعلى الجانب الأخر ومن نفس الوازع الديني الأكثر تشددا وقسوة ( آيات الله )  في إيران وهم ممثلوا المؤسسة الدينية ــ خلفاء أئمتهم ( الأنبياء المؤلهين )  ــ المتحكمين في سواد الشأن الإيراني والمرجعية الأعلى في البلاد المسيطرة على مفاصل  السلطة تبعية للثورة الإسلامية ( الخومينية ) عام 1979 ، حيث انه بات مؤكدا أن الثورة الإسلامية وضعتهم مواضع الملائكة المنزهين عن الأخطاء ليعيثوا بنظرياتهم الشيعية وأهواؤهم الفارسية في بلاد الله فسادا وهم موهوبون بخبث سياسي وجّه أضواءهم التوسعية إلى الجيران بكل الأشكال بأي ثمن وبأية كيفية ، وما كيفياتهم إلا سفك الدماء وتحليل ماهو محرم في سبيل أغراضهم الدنيئة ، وما سقناه من مقارنة ليست إلا توضيحا وربطا حقيقيا بين ماهو عدو جلي وما نراه شيعيا ..!!! ولتصحيح الصورة الذهنية لدينا بين المعسكرين .

             ويقينا ما صرح به الرئيس الايرانى الأسبق احمدي نجاد يؤكد هذه الرؤية حيث قال  ( هناك تأويلات كثيرة للإسلام، إلا أن التأويل الإيراني هو أساس ممارستنا، وأن خبرة التاريخ تثبت أن التأويل الإيراني هو الأقرب للحقيقة(  .

العودة …  بداية جديدة

           فكرة إحياء الإمبراطورية الفارسية على يد الأصوليين الشيعة مع الثورة الإسلامية 1979 ليس الأول بعد سقوطها المدوي على يد العرب المسلمين والذي يعد مفاجأة تاريخية ولغزا محيرا لغالبية المؤرخين ، بل هناك محاولات متعددة سبقته وجميعها باء بفشل ذريع ،  ولكن حكام إيران لم يصبهم اليأس ودأبوا على تأجيج ( الحلم / الفرض الواقع ) فيما بينهم وفى أنفسهم حتى واتتهم الفرصة مع الثورة الإسلامية الخومينية بسقوط الشاه الأخير ( محمد رضا بهلوى ) ، وأول ماقامو به تصدير ثورتهم الإسلامية على هيئة ( صحوة) إلى بعض البلدان العربية في شكل مذهبي شيعي مهدت الدروب له القوى العالمية  كافة لينتشر مساهمة منها في تأجيج الصراع المذهبي السني الشيعي لكسر شوكة الإسلام ( خاصة الإسلام الراديكالي ) ونشر الفوضى في منطقة الشرق الأوسط  ، وحتى يتمكنوا من السيطرة على الثروات الطبيعية التي تمثل زخما اقتصاديا هائلا خاصة ــ في دول الخليج العربي ــ القريبة من إيران وبينها وبين بعضهم تخوما مباشرة .

الأصولية الشيعية

        الأصوليون الشيعة  في العالم كله ولائهم كامل خالص لإيران أفكارا وأهدافا وأساليبا انبثق من تكوين فكرى عقائدي اصولى ايرانى بحت  وهذا الفكر الأصولي الايرانى قد حط رحاله في تشكيل التكوين الفكري الشيعي للأفراد والمجتمعات في كل الدول التي يشكل فيها الشيعة عنصرا مجتمعيا متكاملا  .

      الأصولية الشيعية في سبيل انتشارها استخدمت القتل والتدمير والإبادة والتهجير وجرائم الحرب ضد الغالبية العظمى من المدنيين السنة وقد رحبت بذلك أمريكا كقوة كبرى لوقف الإرهاب الاصولى السني الذي تسبب في اكبر ضربة تلقتها في أحداث سبتمبر 2001 .

      وبما أن البرجماتية في مجملها توجز القول بأنها فلسفة المنفعة فقد استغل الأصوليون الشيعة في إيران من خلال ــ فتاوى آيات الله ــ الصراع المحموم بين القوى العالمية الكبرى متمثلة في ( الولايات المتحدة وحلفائها من دول الاتحاد الاوروبى) والراديكاليين السنة لسلخ بعض الفئات المجتمعية داخل بعض الدول العربية عن مجتمعاتها وتغير هويتها العربية ــ ولو فكرا ــ وولائها إليها … وعليه

بات جليا أن  سياسة إيران الخارجية تبدى شكلا برجماتيا في التعاطي يساوى بين العدو والحليف قاصدة بذلك تحويل الدول العربية إلى دول فاشلة تتصارع داخليا وخارجيا فيما بينها، ولعله برهانا شديد الوضوح ما يحدث حاليا في العراق، ولبنان واليمن … وسوريا التي فضحت برجماتية آيات الله إيران الذين تمكنوا من خلال إطالة سنوات الصراع فيها تحولها إلى دولة فاشلة بجدارة وأصبح نظامها يشبه إلى حد بعيد الميليشيا التي تتحكم فيها أصابع آيات الله من خلال الحرس الثوري وفيلق القدس المؤسس لكافة الميليشيات الشيعية الإيرانية كحزب الله العراقي الذي تأسس عام  2003 من مجموعات صغيرة مهدت له هي  ( كتائب لواء أبي الفضل العباس وكتائب كربلاء وكتائب السجاد وكتائب زيد بن علي) ، وميليشيا الحشد الشعبي في العراق 2014 الذي تكون من (عصائب أهل الحق ، ومنظمة بدر وقوات الشهيد الصدر ) ، وحزب الله في لبنان  ـ الجناح منبثق عن حركة أمل الشيعية ــ عام 1982، وأنصار الله في اليمن  ( ميليشيا الحوثى ) 1992 ، حيث يعكف آيات الله حاليا على كيفية النجاح في بقية الدول العربية التي فيها ميليشيات شيعية مثل، السعودية من خلال حزب الله الحجاز الذي تأسس عام 1987 ،

و البحرين من خلال  سرايا الاشتر 2012وسرايا المختار 2011 والعديد من التنظيمات التي تتخذ أسماء مختلفة منها سرايا المقاومة الشعبية، وطلائع التغيير والتي سبق وأثارت العديد من القلاقل وقامت بالعديد من العمليات الإرهابية الخاطفة ألا إنها لم تنجح في خلق دولة فاشلة مثلما حدث في العراق وسوريا واليمن ولبنان الذي حققوا فيها نجاحات متعددة من خلال مؤامرة خلقت حالة من الهياج السياسي والفوضى والإرباك للعديد من الأنظمة العربية ، والغاية في النهاية معلومة للجميع .

التشيع … المعنى

           لفظ  الشيعة  مجردا وببساطة يعني التحزب لمعتقَد أو لفكرة أو لرأى ما ، والحشد له ومناصرته ، وليس بالضرورة أن يكون المعتقد أو الفكرة أو المبدأ سويا أو عكس ذلك .. بمعنى ( صالحا أو فاسدا ) فليست هذه هي القضية .

         وفى القرآن الكريم  جاءت مادة ( شَيَعَ ) منحصرة في أربعة معاني فقط هي: الفِرَق، والأهل والنسب، وأهل الملة، والأهواء المختلفة ، في سور الأنعام والحجر ومريم والنور والقصص والروم وسبأ والصافات والقصص ، أما كلمة شيعة فقد جاءت في آيات القرآن الكريم ، ذات مدلول سلبي حيث قُصد بها الذم والترهيب، وارتبطت بالشقاق والمعصية والبعد عن طريق الصواب والإيمان، إلا في موضع واحد في الآية رقم ( 83 ) من سورة الصافات .

         ويسوقنا الكلام بالضرورة إلى الأحاديث النبوية والتي حملت أيضا لهذه الجماعة مدلولات سلبية للغاية ، ومن أهمها على الإطلاق في مقامنا هذا حديث شريف فيما عناهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالخوارج  حيث جاءه يوم حنين  رجل من بني تميم يسمى ذو الخويصرة  فوقف عليه وهو يعطى الناس ، فقال : يا محمد لم أرك عدلت ..فغضب النبي صلى الله عيه وسلم وقال : ويحك .. إذا لم يكن العدل عندي ، فعند من يكون ..؟ فقال عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ : هل اقتله ..؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا، دعه، فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين، حتى يخرجوا منه، كما يخرج السهم من الرمية، ينظر في النصل، فلا يوجد شيء، ثم في القدح، فلا يوجد شيء، ثم في الفرق، فلا يوجد شيء، سبق الفرث والدم»،

لا تتشيعوا

              الشيعة ــ وبالمعنى القاطع ــ  من المستحيل أن نضعهم جميعًا في بوتقة واحدة ، وإن كانت إيران منذ نجاح ثورة الخومينى تسعى إلى ذلك سعيا حثيثا ، وهم على كل حال  وعلى مدار تاريخهم فرقا وطوائف لا تحصى، تتباين رؤاهم وتوجهاتهم  في العديد من القضايا المرتبطة بالعقيدة والفقه وكثيرا ما يصل هذا التباين إلى تحارب وتكفير بعضهم البعض ، وفى سبيل تحقيق أغراضهم الدنيئة والتي اتخذت ــ تمويها ــ أشكالا متعددة توطئة لتحقيق حلمهم الأكبر بالإمبراطورية الفارسية المزعومة واستغلالا لغياب بعض الأنظمة العربية والخواء السياسي الحادث على ارض الواقع في هذه الدول تمكنت إيران من تقديم نفسها للشيعة العرب على إنها المنقذ الذي يستطيع تبنى قضاياهم المذهبية ضد الاضطهاد والتهميش التاريخي الذي مارسه ولازال يمارسه ــ إيهاما ــ ضدهم أهل السنة، ، واعتبرت الشيعة الأنظمة العربية السنية على اختلاف توجهاتها السياسية  عملاء وخونة، وأداة في ايدى الدول الغربية وخاصة أمريكا  في نظرة شمولية خرقاء لا تفريق فيها بين نظام وآخر ، وبالفعل تمكنت طهران من تمزيق العديد من الدول العربية حيث اعتمد هذا التكوين العنصري القتل والاغتيال منهجا لمواجهة كل ما هو سني، و لم يختف هذه المنهج في أي عصر من عصور الوجود الشيعي، حيث بات لازما وملازما لبقاء الحياة في هذا التكوين العنصري ، ولا يحتاج الإنسان إلى نظرة فاحصة للتيقن من أن كل الدول التي ( تشيعت ) وأصبح للشيعة فيها مناطا للحكم أو مساحة للرأي والكلمة والقرار باتت دولا فاشلة أو أشباه دول ولنا في ( العراق / سوريا / اليمن / لبنان ) عبرة .

       فكونوا – أيها المؤمنون – ثابتين ، لا نزاع  ولا عراك يسوقونكم للهاوية بعد فشل وهوان بعد سطوة ووهن بعد قوة فتتداعى عليكم الدول ، واصبروا على الشدائد ، وعلى مخالفة أهوائكم التي تحملكم على التنازع .. ولا تتشيعوا .. فتذهب ريحكم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى