بليغ بدوي يكتب: البيوت الصامتة
قرات تقريرا صحفيا مطولا نشر في جريدة ” الرياض” عن أهمية الحوار داخل الأسرة. اعجبني التقرير لدرجة أنني وقفت افكر في بعض المعلومات و الحقائق التي ذكرها التقرير و قررت أن الخص بعض النقاط الهامة التي اعجبتني و التي وقفت أمامها افكر في جدية المقولة ، و ضخامة البلية التي تهدد أمن و استقرار بيوتنا بل المجتمع بأسره حيث شهدت مجتمعاتنا العربية المحافظة كثير من الأحداث و الحوادث الغريبة التي هزت عقولنا و وجداننا لأنها غريبة علي ثقافة مجتمعاتنا. ترجع تلك الحوادث لغياب الحوار داخل البيت، و غياب أسس التربية السليمة ، و عزلة أفراد الأسرة الواحدة رغم معيشتهم تحت سقف واحد، فلم تعد هناك مائدة واحدة تجمعهم ، و لم تعد الأسرة مصدر المعلومة الصحيحة التي تكون شخصية الابن أو الابنة حيث تم استبدالها بوسائل العالم الافتراضي التي غالبا ما تكون مصادر مشوشة و مشوهة و مشبوهه تؤثر سلبا علي شخصية الاطفال و الشباب. اذكر حادثة انتحار بعض الاطفال استجابة لتعليمات بعض الالعاب العنيفة على الشبكة العنكبوتية كان نتيجة لسيطرة هذا العالم الافتراضي علي عقول الأبناء في ظل غياب لغة الحوار في الأسرة و ترك الاطفال في تلك الحجرات المظلمة في تلك البيوت الصامتة فريسة لشياطين العالم الافتراضي. و أذكر أيضا حالات انضمام بعض الشباب و الشابات من بعض دول اوربا الي الجماعات الإرهابية ما هو إلا نتيجة للخداع الفكري الذي مارسه المتطرفون علي هؤلاء الضحايا ذوي العقول المشوشه من خلال العالم الافتراضي،
و ليعلم الجميع أن الحوار مهم جدا، فالحوار هو الذي يجعل أبناءنا شخصيات قيادية تحترم الرأي و الراي الآخر و تتفهم جيدا منطقية الاختلاف و تنأي بنفسها عن الخلاف.
- “يؤكَّد متخصصون في شؤون الأسرة أنَّ غياب الحوار الأسري يُعدّ السبب الأول وراء زيادة نسب الطلاق وحالات التفكك والعنف الأسري وجنوح الأبناء وانحرافهم فكراً وسلوكاً و أن غياب الحوار و عدم التواصل بين الآباء و الأمهات يعد طلاقا عاطفيا يؤدي إلي مشكلات أسرية تكون سببا في انهيار الأسرة و تفككها.”
- “الأطفال الذين تربوا على الحوار تنمو لديهم ملكة الإبداع وتوليد الأفكار بعكس أولئك الذي تربوا على قمع أفكارهم وعدم مناقشتها و أوضحت الدراسات أنَّ الذين وقعوا أسرى التغرير بالتكفير والتفجير، أو لُوثت عقولهم بأفكار الإلحاد، معظمهم -بل جُلُّهم- ممَّن نشأوا في أسر انعدم فيها الحوار، أو حلَّ فيها العنف اللفظي والجسدي مكان الحوار”
- “أنّ البليَّة تعظُم في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي -وإن شئت قل وسائل التقاطع الاجتماعي- الحديثة، التي قربتنا افتراضياً وأبعدتنا واقعيا فيجلس أفراد الأسرة مع بعضهم، ولكن كلٌ عينه في شاشة هاتفه، فلا تواصل ولا اتصال كلٌ له عالمه الخاص، لافتاً إلى أنَّ بعض البيوت أصبحت تفقد متعة الحديث ومتعة اللقاء.،”
- ” خطورة الأفكار والتصورات التي لا تُصحَّح لا تقلُّ عن خطورة القنابل الموقوتة بيد عابث توشك أن تنفجر، و أنَّ البليَّة تعظُم حين تُغلَّف هذه الأفكار وتُعلَّب في صورة يغري الشباب والشابات بريقها باسم الحرية والفكر تارة وباسم الجهاد والغيرة على الدين تارةً أخرى، فينشأ لدينا شباب وشابات شططاً في طرفي الانحراف الفكري تحرُّراً وتفلُّتاً من القيم أو غلوّاً وتشدُّداً وعنفاً، لافتاً إلى أن الحوار الناجح يكون فيه الجميع على قدم المساواة في العرض والاعتراض والشرح والبيان.”
-” أنَّ الحوار الناجح تسوده الحرية والأمان، ويُعطى فيه كل واحد فرصته ليقول ما لديه، كما أنَّه هو الذي يُستمع فيه لكل أحد باهتمام ولا يُسخر من فكرته رغم سذاجتها، فكما أنَّ القمع مطرقة للتسكيت، فكذلك الاستهزاء والسخرية مطرقة للتبكيت، مُبيّناً أنَّ الحوار الناجح أيضاً تكون فيه اللغة هادئة متزنة، لا تشنّج ولا سباب ولا زعيق ولا نعيق، فكلَّما علا صوت المحاور قلت حجته، كما أنَّ العلب الفارغة هي الأكثر ضجيجاً.”
. - “أنّ المدرسة مُطالبة أيضاً بتوفير فرص حقيقية للحوار يتمّ من خلالها توجيه مسار السلوك الحواري وتعزيز ممارسته وتعميق الإيمان به”لذلك يجب ايضا تدريب الآباء والأمهات على التواصل والتحاور مع أبنائهم من خلال دورات تدريبية تقوم بها المؤسسات الاجتماعية المختلفة أو النوادي الاجتماعية أو كليات التربية المحلية في المحافظات و من خلال وسائل الإعلام والتلفزيون و إعداد برامج حوارية لتسليط الضوء علي التربية السليمة، إلى جانب تدريب الأبناء على مهارات التواصل والتحاور مع آبائهم وأمهاتهم واداب التعامل و الحوار من خلال المسجد و الكنيسة و المدرسة.
- ” (80%) من المشكلات الزوجية التي تنتهي بالطلاق أو العنف، سببها عدم وجود الحوار في الأسرة، سواء بين الزوجين، أو بين الآباء والأبناء، أو بين الأبناء أنفسهم”، موضحاً أنَّ البيت الذي يسوده الحوار يُعدُّ بيئة صحية لتنشئة جيل واعٍ متزن يقبل الرأي المخالف ويتحاور معه ولا يصادر حرية أصحابه بحجة ما أُريكم إلاَّ ما أرى.”
اتمنى أن أكون قد وفقت في عرض الموضوع و تقديم بعض المقتطفات لتعم الفائدة على الجميع.