ياسمين حاتم تكتب: ليتَكَ أصبحت مثلهم!
ليلة الجمعة اليوم الوحيد الذي نستطيع فيه أن نجلس كعائلة، نتحرر فيه من تعب ستة أيام كاملة نرى فيهم بعضنا صدفة في صالة المنزل وكُلٌ منا ذاهب إلى أشغاله.
جلسنا نستمع بعد وجبة العشاء إلى برنامج ما، جميعنا نجلس سويًا إلا أخي، يجلس بمفرده في غرفته، التي أصبحت عالمه الخاص منذ ثلاث سنوات.
كان قبل هذه السنوات الثلاث الماضية يملأُ البيت بهجةً ومرح، وكُنا نستمتع بحديثه، وطريقته التي لا مثيل لها.
ولكن ويؤسفُني أن ما سأقوله بعد لكن أصبح واقعنا اليوم..
لا يتحدث معنا، لا يأكل معنا، دائمًا يغيب طيلة الأجازة الصيفية، يعمل بعيدًا عن المنزل، وفي الدراسة يغيب أغلب الوقت بسبب المحاضرات، وأصبح ضيفًا كما يقول هو دائمًا.
لا أعلم جيدًا مَنْ المخطأ في هذا!
مجموع الثانوية الذي خذله، صفعة أبي التي لم ينساها له، أم الحادث الذي تعرض له وامتنع بعده عن لعبته المفضلة، أم مقارنته الدائمة بأخي الذي شرف أبي ودخل كلية الطب!
أحداث كثيرة حدثت أفقدته القدرة على الابتسام، أو حتى أن يكمل حياته بشكل طبيعي.
المرة الوحيدة التي تحدث فيها معي بعد مجادلة كبيرة بينه وبين أبي دامت لساعات عن أنه فاشل وكان أبي يتمنى لو أنه مثل ابن صديقه الذي دائمًا يشرف أبيه، أو مثل أخيه الكبير، هكذا دائمًا أبي يقول عنه.
قال لي أخي وقتها وهو يحاول أن لا يبكي “لقد خُذلتُ من عائلتي، فكيف لي أن أثق في هذا العالم بعد الآن؟”
من وقتها وهو صامت لا يتحدث معنا إلا عندما نحتاج منه شئ، أو نطمئن عليه من بعيد.
وأصبح في بيته غريب!
كل ما يقلقني أنه سيتخرج قريبًا من الجامعة، إن تركنا لن يعود، كنت أود أن أقول له أنه أعظم أخٍ في العالم حتى ولو لم يكن مثلهُم، وأتمنى أن يعود يومًا كما كان.